قال: (ومن صريح الإيمان أن يصل من قطعه ويعطي من حرمه، ويعفو عمن ظلمه، ويغفر لمن شتمه، ويحسن إلى من أساء إليه). وأين نحن من هذه الصفات؟! إنها صفات عظيمة جداً، وهي من أخلاق الأنبياء وأتباع الأنبياء. فأولها: أن يصل المرء من قطعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي شكا إليه قرابته، فمن الدرجة العليا أن تصل من قطعك من أقربائك أو من إخوانك، فلا يعامل الإنسان الناس بالمثل، بل يعامل من قطعه بالصلة.وثانيها: أن يعطي من حرمه، فلو حرمك أحد حقاً أو مما ينبغي له أن يفعله فلا تحرمه، بل الفضل أن تعطيه.وثالثها: أن يعفو عمن ظلمه، كما قال تعالى: ((
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))[آل عمران:134]، فيعفو ويصفح ويغفر، ولا يؤاخذ ولا ينتقم لنفسه، وإن كان يجوز له ذلك، ولكن الكلام هنا ليس في الجواز، وإنما الكلام في الدرجة العليا التي يبلغ العبد بها صريح الإيمان، وهو أن يكون هذا شأنه وديدنه.ورابعها: أن يغفر لمن شتمه ويحسن إلى من أساء إليه، فلا يقابل الإساءة بالإساءة، بل يقابل الإساءة بالإحسان، ويقابل الجهل بالحلم، وهذا من أعظم صفات النبي صلى الله عليه وسلم التي عرف بها أحبار
اليهود أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، كما في قصة
زيد بن سعنة وغيرها من القصص، فهذه أخلاق النبوة وأخلاق اللذين يسيرون على نهج الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فيتخلقون بأخلاقهم.